فصل: تفسير الآيات (104- 109):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (98- 99):

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)}
{قُلْ يَا أهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ} فيه قولان:
أحدهما: أن صدهم عن سبيل ما كانوا عليه من الإغراء بين الأوس والخزرج حتى يتذكروا حروب الجاهلية فيتفرقوا، وذلك من فعل اليهود خاصة، وهو قول ابن زيد.
والثاني: أنه تكذيبهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وإنكارهم ثبوت صفته في كتبهم، وذلك من فعل اليهود والنصارى، وهذا قول الحسن.
{تَبْغُونَهَا عِوَجاً} أي تطلبون العِوَجَ وهو بكسر العين العدول عن طرائق الحق، والعَوَج بالفتح ميلُ منتصب من حائط أو قناة.
{وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ} فيه قولان:
أحدهما: يعني عقلاء، مثل قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]. والثاني: يعني شهوداً على ما كان من صَدّهم عن سبيل الله، وقيل من عنادهم وكذبهم.

.تفسير الآيات (100- 101):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} يعني الأوس والخزرج.
{إِن تُطِيعُوا فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يعني اليهود في إغرائهم بينكم.
{يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

.تفسير الآيات (102- 103):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فيه أربع أقاويل:
أحدها: هو أن يُطَاع فلا يُعْصى، ويُشْكَر فلا يكفر ويُذْكَر فلا يُنْسى، وهو قول ابن مسعود، والحسن، وقتادة.
والثاني: هو اتقاء جميع المعاصي، وهو قول بعض المتصوفين.
والثالث: هو أن يعترفواْ بالحق في الأمن والخوف.
والرابع: هو أن يُطَاع، ولا يُتَّقى في ترك طاعته أحدٌ سواه.
واختلفواْ في نسخها على قولين:
أحدهما: هي محكمة، وهو قول ابن عباس، وطاووس.
والثاني: هي منسوخة بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} [التغابن: 16] وهو قول قتادة، والربيع، والسدي، وابن زيد.
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعاً} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: الحبل: كتاب الله تعالى، وهو قول ابن مسعود، وقتادة، والسدي، روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كِتَابُ اللهِ هُوَ حَبْلُ اللهِ المَمْدُودُ مِنَ السَّماءِ إَلى الأرْضِ».
والثاني: أنه دين الله وهو الإسلام، وهذا قول ابن زيد.
والثالث: أنه عهد الله، وهو قول عطاء.
والرابع: هو الإخلاص لله والتوحيد، وهو قول أبي العالية.
والخامس: هو الجماعة، وهو مروي عن ابن مسعود.
وسُمَّي ذلك حبلاً لأن المُمْسِكَ به ينجو مثل المتمسك بالحبل ينجو من بئر أو غيرها.
{وَلاَ تَفَرَّقُواْ} فيه قولان:
أحدهما: عن دين الله الذي أمر فيه بلزوم الجماعة، وهذا قول ابن مسعود، وقتادة.
والثاني: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ} وفيمن أريد بهذه الآية قولان:
أحدهما: أنهم مشركو العرب لِمَا كان بينهم من الصوائل، وهذا قول الحسن.
والثاني: أنهم الأوس والخزرج لِمَا كان بينهم من الحروب في الجاهلية حتى تطاولت مائة وعشرين سنة إلى أن ألَّفَ الله بين قلوبهم بالإسلام فتركت تلك الأحقاد، وهذا قول ابن إسحاق.

.تفسير الآيات (104- 109):

{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}
{يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} يعني به يوم القيامة، لأن الناس فيه بين مُثَابٌ بالجنة ومُعاقَبٌ بالنار فوصِف وجه المُثَاب بالبياض لإسفاره بالسرور، ووصف وجه المُعَاقَب بالسواد لإنكسافه بالحزن.
{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُم تَكْفُرُونَ} وفي هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم أربعة أقاويل:
الأول: أنهم الذين كفرواْ بعد إظهار الإيمان بالنفاق، وهو قول الحسن.
والثاني: أنهم الذين كفروا بالارتداد بعد إسلامهم، وهو قول مجاهد.
والثالث: هم الذين كفروا من أهل الكتاب بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بِنَعْتِهِ ووصفه، وهو قول الزجاج.
والرابع: هم جميع الكفار لإعراضهم عما يوجبه الإقرار بالتوحيد حين أَشْهَدَهُم الله تعالى على أنفسهم {أَلسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172] وهو قول أبي بن كعب.

.تفسير الآيات (110- 112):

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}
{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} فإن قيل: فَلِمَ قال كنتم خير أمة ولم يقل أنتم خير أمة؟ ففيه أربعة أجوبة:
أحدها: أن الله تعالى قد كان قدم البشارة لهم بأنهم خير أمة، فقال: {كُنْتُمْ} يعني إلى ما تقدم في البشارة، وهذا قول الحسن البصري.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَنتُم تُتِمَّونَ سَبْعِن أُمةً أَنْتُم خَيرُها وأَكْرمُها عَلَى اللهِ». والثاني: أن ذلك لتأكيد الأمر لأن المتقدم مستصحب وليس الآنف متقدماً، وذلك مثل قوله تعالى: {وكان الله غفوراً رحيماً}.
والثالث: معناه خلقهم خير أمّة.
والرابع: كنتم خير أمّة في اللوح المحفوظ.

.تفسير الآيات (113- 117):

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}
{لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَةٌ قَآئِمَةٌ} روي عن ابن عباس أن سبب نزولها أنه أسلم عبد الله ابن سلام وجماعة معه، فقالت أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلاّ شرارنا، فأنزل الله تعالى: {لَيسُوا سَوَاءً} إلى قوله: {وأولئك مِنَ الصَّالِحِينَ}.
{أمةٌ قَائِمَةٌ} فيه ثلاث تأويلات:
أحدها: عادلة، وهو قول الحسن، وابن جريج.
والثاني: قائمة بطاعة الله، وهو قول السدي.
والثالث: يعني ثابتة على أمر الله تعالى، وهو قول ابن عباس، وقتادة، والربيع.
{يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللهِ ءَانآءَ اللَّيْلِ} فيه تأويلان:
أحدهما: ساعات الليل، وهو قول الحسن، والربيع.
والثاني: جوف الليل، وهو قول السدي.
واختلف في المراد بالتلاوة في هذا الوقت على قولين:
أحدهما: صلاة العَتْمَة، وهو قول عبد الله بن مسعود.
والثاني: صلاة المغرب والعشاء، وهو قول الثوري.
{وَهُمْ يَسْجُدُونَ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني سجود الصلاة.
والثاني: يريد الصلاة لأن القراءة لا تكون في السجود ولا في الركوع، وهذا قول الزجاج، والفراء.
والثالث: معناه يتلون آيات الله أناء الليل وهم مع ذلك يسجدون.
{مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} اختلفواْ في سبب نزولها على قولين:
أحدهما: أنها نزلت في أبي سفيان وأصحابه يوم بدر عند تظاهرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه نزلت في نفقة المنافقين مع المؤمنين في حرب المشركين على جهة النفاق.
وفي الصّرِّ تأويلان:
أحدهما: هو البرد الشديد، وهو قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، والسدي.
والثاني: أنه صوت لهب النار التي تكون في الريح، وهو قول الزجاج، وأصل الصّر صوت من الصرير.
{أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه أن ظلمهم اقتضى هلاك زرعهم.
والثاني: يعني أنهم ظلموا أنفسهم بأن زرعواْ في غير موضع الزرع وفي غير وقته فجاءت ريح فأهلكته فضرب الله تعالى هذا مثلاً لهلاك نفقتهم.

.تفسير الآيات (118- 120):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} قيل إنها نزلت في قوم من المسلمين صافوا بعض المشركين من اليهود والمنافقين المودة لمصاحبة في الجاهلية فَنُهُوا عن ذلك.
والبطانة هم خاصة الرجل الذين يستبطنون أمره، والأصل البطن، ومنه بطانة الثوب لأنها تلي البطن.
{لاَ يِأْلُونَكُمْ خَبَالاً} أي لا يقصرون في أمركم. والخبال: النَّكال، وأصله الفساد ومنه الخبل الجنون.
{وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} فيه تأويلان:
أحدهما: ودوا إضلالكم عن دينكم، وهو قول السدي.
والثاني: ودوا أن تعنتوا في دينكم أي تحملون على المشقة فيه، وهو قول ابن جريج، وأصل العنت المشقة.
{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} أي بدا منها ما يدل عليها.
{وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُم أَكْبَرُ} مما بدا.